lundi 26 décembre 2011

دراسة التاريخ

تتوزع دراسة التاريخ في ثلاث مستويات متغايرة لكل منها سمتها الخاصة التي تميزها عن غيرها. و هذه المستويات الثلاثة هي التاريخ السردي و التاريخ العقلي و فلسفة التاريخ.

و التاريخ السردي يهتم بدراسة التاريخ بوصفه علما بالأحداث و الوقائع و أحوال البشر، و هذا النوع من الدراسة يقتصر على الوصف السردي لأحداث وقعت في الماضي، فهو علم بأحداث جزئية و منفصلة و مفككة يريد توثيقها و نقلها، و هو لا يحاول أبدا البحث في أية خيوط رابطة بين هذه الأحداث و لا اكتشاف أية قوانين تحكم سيرها، و هذا يعني أنه علم نقلي سردي يهتم بالكينونات لا بالصيرورات، و هو لذلك يسمى عادة بالتاريخ السردي الوصفي.

أما النوع الثاني من الدراسات التاريخية هو ذلك الذي يحمل من وقائع و أحداث الماضي مادة له من أجل  اكتشاف القوانين التي تحكم الحياة الإنسانية. فهو لا يريد دراسة التاريخ كأحداث  منفصلة، بل هدفه محاولة اكتشاف الخيط الذي يجمع هذه الأحداث و القوانين التي تقف وراءها من أجل إضفاء الطابع العقلاني على أحداث التاريخ و هذا المستوى من الدراسات التاريخية يلتقي مع علم الاجتماع الذي يدرس المجتمعات الماضية و المجتمعات الحاضرة على السواء، فيما يهتم التاريخ العقلي أو التاريخ العلمي كما يسمى بدراسة المجتمعات الماضية فحسب.

و النوع الثالث من الدراسات التاريخية هو ما أصبح يعرف منذ فولتير بفلسفة التاريخ، و هو لا يهتم بالقوانين التي تحكم كينونة المجتمعات البشرية، بل يهتم بالقوانين المتحكمة في التحولات و التغيرات و التطوارت، و هذا يعني أن فلسفة التاريخ تجعل من الصيرورات الاجتماعية موضوعا لها. فهي إذا تهتم بالتحولات الحضارية و الاجتماعية. فلسفة التاريخ بهذا المعنى لا تعني الإرتباط بأحداث الماضي، بل تعني مسيرة انطلقت منذ أقدم العصور و لا تزال مستمرة، و ستواصل حركتها في المستقبل.

قاسم شعيب، تحرير العقل الإسلامي، ص  177 ـ 178

1 commentaire: